جاكومو ليوباردي
شاعر وفيلسوف وأحد أعمدة الأدب الإيطالي في القرن التّاسع عشر. ولد في مدينة ريكاناتي، في مقاطعة ماركه، عام 1798، لعائلة نبيلة كان عزّها في زوال. له الكثير من الأعمال الأدبيّة، ما بين شعرية ونثرية وفلسفيّة ونقديّة.
توفي في مدينة نابولي، عام 1837.
مِن أعلى
البُرج العتيق،
أيُّها
الدُّوريُّ المتوحِّدُ، إلى الرِّيف تنظرُ
مردِّدًا
أغنيتكَ حتَّى أفولِ النَّهار؛
وعبْرَ هذا
الوادي تشردُ أنغامُكَ العِذاب.
الرَّبيعُ هنا
وهناك
يتلألأُ في
الهواء، ويتهلَّلُ في الحقول،
حتَّى إنَّ
القلبَ لَيَلِينُ لمرآه.
أصغِ إلى
القطعان تثغو، إلى الأصورةِ تخور؛
الطُّيورُ
الأخرى، جذلى، تتناهبُ
في ألف دورةٍ
خواءَ السَّماء،
كأنَّها،
لحلاوةِ هذهِ اللَّحظاتِ، في عيد:
وأنتَ، أيُّها
الفِكِّيرُ، بمنأىً عن كلِّ ما ترى؛
لا تُخالِلُ،
لا تطيرُ،
لا تأبهُ
للفرح، تستحيي اللَّهوَ؛
تغنِّي فحسب،
وبالغناء تستنفدُ
من الموسمِ،
ومن حياتكَ، مَيْعَتَهُما.
ويحَ قلبي، كم
يشبهُ حالُكَ
حالي!
اللَّهوُ والضَّحِكُ،
عشيرا عهدِ
الصِّبا الحُلوان، لا آبهُ لهما،
وأنتَ، أيُها
الحُبُّ، يا أخا الصَّبوات،
يا تنهيدةَ
خواتيمِ العمرِ المريرةَ،
لا آبهُ لك؛
لا أعرف لماذا؛ بل منكم
أولِّي كلَّ
مَهْرَبٍ بعيد؛
وهنا، في
مسقطِ رأسي،
كالنَّاسكِ،
كالغريبِ،
أُمضي ربيعَ
حياتي.
هذا
النَّهارُ، الذي يُزَفُّ الآنَ إلى المساء،
نهارُ عيدٍ في
قريتنا.
يتردَّدُ، في
هدأةِ النَّسَمِ، صوتُ ناقوسٍ؛
يعلو، بلا
توقُّفٍ، هزيمُ طبنجاتٍ،
صداهُ
يتردَّدُ بعيدًا، من قريةٍ إلى قرية.
كاسيةً كِسوةَ
العيدِ،
صَبْوَةُ
المكانِ،
تغادرُ
المنازلَ، وتنتشرُ في الدُّروب؛
تَرمُقُ
وتُرمَقُ، وفي قلبها المسرَّة.
وأنا، الهائمُ
وحدي
في مُنتَزَحٍ
عن آهلِ الحقول،
أُرجئُ كلَّ
بهجةٍ ومتعةٍ
إلى وقتٍ
آخر؛ فيما بصري
الممتدُّ
مَدَّ المدى المهوَّى المشمسِ
تجرحُهُ
الشَّمسُ الَّتي، إذْ تهوي،
بعد نهارٍ
صَحْوٍ،
وراءَ جِبالٍ
بِعَادٍ، تنطفئ كأنِّي بها تقول
لا بدَّ آفلٌ
عهدُ الصِّبا الميمون.
أنتَ، أيُّها
الطَّائرُ الوحيدُ، حين تبلغُ
مساءَ حياتكَ
الذي قدَّرَتْهُ لك النُّجوم،
لن تندم
بالتَّأكيد
على نهجِكَ
الَّذي نهجتَ؛ فكلُّ رغبةٍ
من رغباتك
ثمرةٌ من ثَمَرِ الطَّبيعة.
ولكن أنا،
واهًا، إذا صلواتي
لم تجنِّبني
عبورَ
العتبةِ
البغيضةِ، عتبةِ الشَّيخوخةِ،
حين تانِ
العينان أوهنَ من أن تحرِّكا قلبًا تُمسيان،
والعالمُ
خواءً في نظرهما يكون، وكلُّ نهارٍ آتٍ
أكثرَ مللًا
وكمدًا من سابقه يصير،
في أيِّ حالٍ
ومآلٍ ستكون رغبتي؟
وما مآلُ
أيَّامي هذه؟ ما مآلي؟
واهًا!
ستمزِّق قلبي الحسراتُ، ومِرارًا،
فاقدًا كلَّ
عزاءٍ، سأستذكرُ الماضي.
ترجمها عن الإيطاليَّة: أمارجي
Commenti
Posta un commento
Grazie mille