ماتّيو زاتّوني
شاعر إيطالي وُلد في فورليمـﭙـوﭘـولي عام 1980و ويُقيم حاليًّا في مدينة فورلي.
تخرّج في كلّيّة الحقوق، وأنجز الدّكتوراه في «الفلسفة القانونيّة» في جامعة
ميلانو. نُشرتْ نصوصه الشّعريّة في عدّة مجلّات إيطاليّة. شارك في إنجاز العديد من
المهرجانات الشّعريّة والأنشطة الثّقافيّة. أصدر عِدّة مجموعات شعريّة، منها: «العدوّ»
2003، وقد حازت على المركز الأوّل في جائزة "Giuseppe Giusti"، «ثِقل الفَضاءات» 2005، «الغريب المُتَّزن» 2009، حازتْ
على المركز الأوّل في جائزة "Tra Secchio e Panaro"، «الأبناء الّذين لا يعودون» 2021.
اُختيرتِ النّصوص المترجمة من المجموعتيْن: «الغريب المُتَّزن» و «الأبناء
الّذين لا يعودون».
على أَطْرافِ ذاتي أُقيم، وأَودُّ أنْ أَعود
إلى حَيثُ لَمْ أَكنْ، والمَشيمةُ ثَوْبي
في بَطْنِ الحُوت، أُقيمُ في الذِّكرياتِ المَوْهومة
لماضٍ وَهم، وأذْوي شيئًا فشيئًا قُرْبَ الجدارِ
الخَفيضِ في فَناءِ الدَّار، أَلعَبُ بالنَّباتِ المُتسلِّقِ
في الحَديقَة، دُونَ أنْ أُجْهدَ نَفْسيَ في اتِّباعِهِ
إلى أطرافِهِ السَّامِقةِ، وأستَقرُّ على مَسافَةٍ
أدْنى من مِلِّمترٍ منْ نِهايَةِ الكَوْن، وأَعَودُ أَدْراجي
ضاحِكًا من فَرْطِ الجهْدِ الأَخْرَق، الجُنونيِّ والرَّطْب.
هذا المَساء لنْ أكونَ لأَحد، سأَكونُ في أعماقِ ذاتي،
سأكونُ وَحْدي.
*****
مُحيطُ الإنْسان
تَدْخلُ بِتؤُدَّةٍ في بُيوتِ الآخَرين
كَما الوُلوجُ في مَغارَةِ جَبلٍ
أو في جُحْر.
تَشُمُّ أوَّلَ الأَمرِ الرَّوائِحَ
الّتي تَشبَّعَ بها الهَواء،
ثمَّ ترى الضَّوءَ الحادَّ
وأخيرًا تَشْعُرُ بالعُذوبةِ الّتي تكْتَنِفُ
الأَشياءَ القَديمَةَ وتَجْعلُها جَديدَة.
تَنْظُرُ مِنْ حولِكَ، بِفَمٍ مَفتوح
– قِطْعةُ الأَثاثِ العالِيَة، خِزانة المَلابِسِ المُلْتَصِقةِ بالجِدار
وطاوِلةُ الخَشَبِ الغَامِقةِ في الرُّكنِ البَعيد
وخِزانَةُ الأواني –.
يا لِمحيطِ الإنْسانِ
كيْفَ يَحْتَشدُ في فَضاءٍ ضَئيل.
*****
فَناراتُ الكوْن
« ثَمّة أشْياءٌ ههنا جميلَةٌ
لَيْسَ للكَوْنِ مِثْلها، لا ولا النُّجوم»
جاكومو ليوﭘـاردي
دارَ في خُلْدي أَنّهُ من الرّائعِ إيثاقنا
أنا وأنْتِ، أَحدنا إلى الآخر، سويَّةً
في الفَضاء، كجِسمٍ واحِدٍ، كَنجْمٍ نبّاضٍ
مُزدوجٍ يدورُ في مِلّي ثوانٍ قَليلةٍ حَوْلَ مركزِهِ
وفي تَصادُمٍ سماويٍّ، ننْثُر في الأثيرِ ذاكِرتَيْنا
في هَيْئةِ مَوْجاتِ راديو، كيلا ينْسى أَحدٌ أنَّني أحْبَبتُكِ
وأنّكِ أحبَبْتِني، وأنَّنا وُلدْنا من حُطامِ النَّجمِ
الأشدِّ إضاءةً في الطّبيعةِ، أوْ مِنْ مُسْتعرٍ عظيمٍ،
جَسدانا مِنْ نيوتروناتٍ فَقطْ،
لها كَثافةٌ عَظيمةٌ ككَثافةِ النَّواة الذَّرِّيّة
رغْمَ حجْم أفكارِنا المُتناهيةِ الصِّغَر.
فلأيِّ كونٍ ستكونُ فنارات؟
يَسْتحيلُ عليْنا الآنَ التَّفْكير بأنّنا مُنْفصليْن
وأنّنا سَنموتُ، ويَضمَحِلُّ كُلٌّ في ذاتِه.
*****
قَدْ نَعتادُ الفَراغ، لا السُّقوط مِنْ شاهِق.
قَدْ نَعتادُ الوُقوفَ على شَفا الهاويَة،
لا على اجْتيازِها. لذا فَزمنُ الجِبال أبديٌّ،
لكنّهُ يبدو أبدًا غيرَ كافٍ.
عليْنا أنْ نتأمَّلَ الغاباتِ طَويلًا
لكيْ نُدركَ ما تَأْملهُ الأرضُ مِنّا.
*****
إلى أبي
لَقدْ غَرَسوا في أعْماقِكَ أنبوبًا، في الجِهازِ التَّنَفُّسيّ
لكيْ يَبْقى سالِكًا، قَدْ يَقولُ الطَّبيب. ولا شكَّ أنَّكَ
سَتقْذفُ بعضًا من سُخريتكَ الإعجازيّة
على زِحام المُمرِّضينَ فوقَ سَريرِك، فَقطْ لوْ كُنتَ في وَعْيك.
لا يُسمحُ لي أنْ أكون بِجانِبك، لكنَّني أراكَ
وهمْ يضُخّون إليْكَ الأوكسجين، من خلفِ سِتارةٍ
من السِّيلوفان، وكُنتُ أنا نَفسي داخلَ ما يُشْبهُ فُقاعةَ هَواء،
وأَدْعو كَما قَدْ لا تَفْعلُ أنتَ، ألّا تنْفجِرَ أيُّ فُقاعَةٍ
كيلا أبْقى سَجينَ نَظْرَتي إليْكَ، أمدُّ يديَّ أمامي
ألصِقُهُما بِجدارِ السِّتارة، أُعكّرها قليلًا
مِثْلَ لمْسةِ عَطْفٍ في حُلم.
ترجمة: گاصد محمد
Commenti
Posta un commento
Grazie mille